ثانيا : العمامة الخضراء :
لم يكن من شأن الأشراف منذ عهد النبوة الامتياز بشعار معين ، أو لباس خاص ، اكتفاء في الدلالة عليهم بالعمل الصالح ، والدعوة إلى الله ، وتمثيلهم لمكارم الأخلاق ، وتمسكهم بالتعارف والتعاون والعمل والإنتاج.
حتّى كانت أيام السلطان شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون ، فأراد أن يوسع نطاق شعبيته ، وأن يحيط نفسه بتجمع جماهيري فاضل ، فلم يجد إلّا أن يتقرب إلى الأشراف ، ويتحبب عن طريقهم إلى النّاس ، فخصهم بما زعم أنه يرضيهم ، ومن ذلك أنه خصهم بلبس العمامة الخضراء (١) ، والاهتمام بتسجيل الأنساب ... إلخ ؛ ليكون لهم ميزة وخصيصة.
ويقول الشيخ العدوي في كتابه (مشارق الأنوار) ما ملخصه :
إنّ العلماء في وقتها اعتبروا هذه العمامة بدعة كريهة ، لما فيها من الإشعار بالفخر والفضل ، الأمر الذي يجر إلى الرياء والسمعة الخيلاء ، والشرك الخفي ، وحبوط العمل ، مما يجب أن يترفع عنه الشريف الصادق ، ولذلك قال الشاعر :
__________________
(١) ومن قبل كان العباسيون قد اتخذوا السواد من اللباس والعمائم شعارا لهم ودليلا على دولتهم ، فلعلّ تخصيص السلطان شعبان الأشراف باللباس الأخضر والعمامة الخضراء من هذا الباب. والله أعلم.