الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون (١) ويصومون ويحجون ويعتمرون ويستكثرون من الصالحات نافلة غير مفروضة ، ويثابون على ذلك طردا لقانون العدل الإلهي ، والله لا يضيع أجر المحسنين.
وقد سبق تكرير تقرير أن ما ثبت للنّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد ثبت كذلك للموتى (إلا عند ورود الخصوصية) .. وقد نقل علماؤنا موافقة السلف لجميع ذلك ، ومنهم : ابن عباس وقتادة والحسن وعمر بن عبيد ، حتّى واصل بن عطاء المعتزلي وأتباعه ، والجبائي ومن وليهم ، وجمهرة المفسرين والمحدثين والفقهاء والمتكلمين بلا خلاف .. ولم ينقل مطلقا عن فرقة إسلامية مهما انفردت بمذهب وعقيدة أنها أنكرت حياة البرزخ وأسرار عالمه العظيم.
١١) مزيد من الأحاديث :
وقد روى البخاري ومسلم «أن الميت إذا دفن ، وتولى عنه أصحابه ، يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنه».
وإذا قيل : إن هذا يكون قبل السؤال.
قلنا : ويكون كذلك بعده لصريح الآيات النازلة في فرعون بسورة غافر ، ثم لتحقيق الوعد بحصول النعيم أو العذاب في الخبر الثابت القائل : «القبر إمّا روضة من رياض الجنّة ، أو حفرة من حفر النّار» ، ولتصديق
__________________
(١) روى الحافظ الدارمي في سننه ، عن سعيد بن عبد العزيز قال : «لمّا كان أيام الحرة لم يؤذن في مسجد النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلاثا ، ولم يقم ، ولم يبرح سعيد بن المسيب من المسجد ، وكان لا يعرف وقت الصلاة إلّا بهمهمة يسمعها من قبر النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم».