وثبت يقينا أن أصحاب المقامات منهم قد استفتوا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما اختلفوا فيه من مراتب الحديث ، وصحّحوا عليه ما اختلط عليهم من مبهمات الأحكام.
وهذا غير حكم المحترفين والكذابين وأدعياء التصوف ؛ فليس يفرق بين الحي والميت إلا المطرود المحجوب ، وإلا أحياء الأجسام أموات القلوب ، وقد تحرر من قبل أنه لا وجه لقصر هذا الحكم على الأنبياء والشهداء ، ولا على نوع بذاته من الأموات ، بل هو عام في كل من رضياللهعنه بما هو أهله.
١٥) وظيفة الجسم والروح :
أمّا نحو قوله تعالى : (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)(١) ، فقد تعين أن يكون مراده خصوص هذه الجثث والرمم والهياكل المحبوسة في القبور ، ولا علاقة له بعالم الروح وأسراره التي قدمنا بعضها لمن هم أهل للتسامي والترفع والرّوحانية.
وقد كررنا أن الأجساد بحقيقتها الجمادية لا تسمع ، مستقلة بذاتها عن أرواحها قط ، والمعنى أنّ هؤلاء الطغاة لا يهتدون من عمايتهم إلا بإذن الله
__________________
(١) سئل السيوطي رحمهالله ، عن هاتين الآيتين ، مع أحاديث إثبات سماع الموتى في القبور ، كيف الجمع بينهما؟ ؛ فأجاب نظما رحمهالله :
سماع موتى كلام الخلق معتقد |
|
جاءت به عندنا الآثار في الكتب |
وآية النفي معناها سماع هدى |
|
لا يقبلون ولا يصغون للأدب |
فالنفي جاء على معنى المجاز فخذ |
|
واجمع به بين ذا مع هذه تصب |