ثم كرر الله هذا أيضا على يد نبيه إبراهيم في قصة أربعة الطير حيث ذبحها وجعلها أشلاء ، ثم جعل على كل جبل منهن جزءا ثم دعاهن فأتينه سعيا بإذن الله ليطمئن قلبه.
ولا ننسى بهذه المناسبة أن الأرواح في الدنيا تشعر بالعذاب أو النعيم تبعا للجسم لأن الجسم مسلط عليها في هذه الدار ، وعلى العكس من ذلك يعذب الجسم وينعم في الدار الثانية تبعا للروح ، حيث تكون هي المسلطة عليه (١).
٧) الأجسام والأرواح والبرزخ :
فليس من غرضنا هنا إلا أن نثبت حياة الأرواح ، وإنما جاء ذكر الأجسام عرضا واستطرادا ، فالنتيجة العلمية القطعية لما قدمنا ، والنتيجة الاعتقادية اليقينية كذلك ، في جميع الأديان السماوية ، أن النّاس في الدنيا والآخرة كما هم في البرزخ أحياء حياة كاملة ، لها مقوماتها وآثارها ، وما الموت إلا انتقال من حال إلى حال خير منها (لمن صلح) ، واستبدال دار بدار أوسع وأكرم ، إذ ما من دين سماوي إلا قام على دعامتين :
الأولى : التوحيد ، ومقتضياته من العبادة والرياضة والأخلاق.
الثانية : الحياة بعد الموت ، مع ما فيها من الجزاء ومقتضيات ذلك وأسبابه.
__________________
(١) وفي الحديث : «ما من عبد يمر بقبر عبد فيلقي عليهالسلام إلا رد عليهالسلام وعرفه» (تأمل!!).