ثمّ التقى صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد عروجه إلى السموات العلى بأرواح من شاء الله من الأنبياء يتعبدون ، وكان له معهم حديث منصوص ، كما حدث بينه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين موسى في شأن الصلوات الخمس ، وكما رأى صلىاللهعليهوآلهوسلم أرواح أمته في صورة الأسودة (١) أى الجماعات المختلفة ، ولو لم يكن في الموضوع إلا هذا الحديث مضافا إلى الآيات السوابق لكان أساسا لا ينقض لتحقيق القول بحياة الموتى في البرزخ ، وعملها فيه.
١٠) أدلة أخرى على حياة البرزخ :
ثمّ : ألا ترى كيف شرع لنا أن ننادي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في صلاتنا أثناء السّلام عليه في التشهد نداء الأحياء الحاضرين ، نقول : «السّلام عليك أيها النّبيّ ورحمة الله وبركاته» ، ثمّ نوجه السّلام بعد ذلك إلينا وإلى عباد الله الصالحين أحياء وأمواتا جميعا إطلاقا.
كما أمرنا النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن نخاطب الموتى كذلك خطاب الأحياء الحاضرين إذا نحن زرناهم فنلقي عليهمالسلام وندعوا لهم ، ونبلغهم أننا سنلحق بهم ، تذكيرا لنا وتأنيسا لهم ، أي أننا نحدثهم في قبورهم حديث من يزور بيوت الأحياء من إخوانه ، كل ذلك ثابت في حديث (مسلم) من طريق سليمان بن بريدة ومن طريق عائشة ، وأخرجه الترمذي من طريق ابن عبّاس ، كما أخرجه أصحاب السنن والمسانيد والجوامع والمستدركات ، وما ذلك إلا لكي يتأكد في قلوبنا تمام الإيمان بحياة البرزخ الرّوحية بعد الموت.
__________________
(١) الأسودة بوزن (أمثلة) جمع سواد بمعنى الجموع والطوائف.