وأكثر ما جاء من أحاديث هذا الباب فيه نظر ، وهذا لا يمنع القول بأن هذين الخبرين هما أساس اهتمام أكثر أهل الموتى من المسلمين عادة ببذل الصّدقات وكثرة الاستغفار والترحم عليه في هذه المدة ، والاهتمام كذلك بالإكثار من ذلك وإن لم يأت به نص أكيد ، ولعل من أسبابه ما قد جاء من أن السؤال في القبر قد يتكرر إلى أربعين يوما بحسب عمل كل إنسان.
٦) من افترسه الوحش أو اكله السمك :
وحين نقول ذلك فيستشكل علينا بعضهم بحال من افترسه الوحش أو أكله السمك مثلا ولا قبر له؟!.
فإنا نستطيع أن نقول : إن الرّوح صورة تامة للجسد ، كما هو مذهب مالك وبقية المحققين ، فأمام كل ذرة من الروح ذرة من الجسد تخدمها وتعمل فيها عملها ، ومهما توزعت ذرات الجسم في البر والبحر والمشرق والمغرب والمكشوف والمحجوب ؛ فلكل منها علاقتها المستقلة بما يقابلها من جزئيات الروح ، وإليها يصل أثر النعيم أو الجحيم من هذا الجزء المقابل لها على ما قدمنا.
فلا موجب إذن للاعتصام بمذهب عنصر النعيم والعذاب على الرّوح وحدها ؛ فالجزاء على الرّوح والجسد جميعا ، لاشتراكهما معا في كسب مقتضى الجزاء ، والله يفعل ما يشاء.
والمهم في المسألة على الرأيين : إثبات أن هناك روحا حية ذات إدراك وبقاء وعلاقة بوجه من الوجوه بالجسد حيث يكون ، غير أنه لا بأس من فضل إشارة إلى ما يختص بأجساد خاصة أهل الله كالأنبياء والأولياء ، فقد