الإنسان وصلاحه وراحته وسعادته.
الرابع : الاختيار والإرادة ، وعدم التعرض للقهر الجسدي ، الذي ينتهي إلى سلب الاختيار منه ، وتعطيل إرادته.
فإذا تحققت هذه الأمور ، فإن الإنسان يكون معصوما عن الوقوع في ذلك الشيء الذي أدرك بشكل قاطع ضرره وبلاءه ، ويرى نفسه ملزما بالسعي نحو ما يوجب تكامله ورقيه وتأكيد إنسانيته.
ولا يمكن أن نتصوره بعد تكامل تلك العناصر المتقدمة فيه ، إلا أن يسير على النهج القويم ، والطريق المستقيم ، فاعلا لما أدرك خيره وصلاحه ، تاركا لما أدرك ضرره وبلاءه ، من كان ، ومهما كان.
وإذا كان الناس مختلفين في درجات إدراكهم ، سعة وعمقا ، وفي مستويات تفكيرهم ، وقوة وضعف سيطرة عقولهم على سائر القوى الباطنية الكامنة فيهم ، من الشهوات والغرائز ، ومختلفين من حيث نوعية المدركات أيضا ـ إذا كانوا كذلك ـ فإن من الطبيعي أن تكون درجات عصمتهم متفاوتة ، ومواردها مختلفة ، كل بحسب مدركاته ، وقناعاته ، وكفاءاته ، وقواه الكامنة فيه. ولذلك تجد العلماء في الأكثر أكثر التزاما من غيرهم ، بل ربما تجد من بينهم من لا تكاد تصدر منه أيه مخالفة طول حياته ، وذلك لكثرة مدركاتهم ، ولاختلاف نوعية ، وكيفية ، وعمق الإدراك لديهم ، بالنسبة إلى غيرهم.
بل إن الله قد أوجب على كل إنسان أن يكون معصوما ، وذلك لأنه قد كلف كل البشر بالطاعات كلها ، والاجتناب عن كل المعاصي ، وهذا التكليف يدل على أن بوسع كل مكلف أن لا يرتكب أية معصية أبدا ، لأن