مزيد من التأكيد والتكرار.
٥ ـ لقد روى جماعة من المؤرخين : أن أعشى قيس خرج إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، يريد الإسلام ، وقد مدحه بقصيدة أولها :
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا |
|
وبت كما بات السليم مسهدا |
فلما كان بمكة أو قريبا منها ، اعترضه بعض مشركي قريش ـ أبو جهل أو أبو سفيان كما سنرى ـ فسأله عن أمره ؛ فأخبره أنه جاء ليسلم ، فقال له :
«يا أبا بصير ، إن محمدا يحرم الزنى!
فقال الأعشى : والله إن ذلك لأمر ما لي فيه من إرب.
فقال : وإنه ليحرم الخمر!
فقال الأعشى : أما هذه ففي النفس منها لعلالات. ولكني منصرف فأرتوي منها عامي هذا ، ثم آتيه فأسلم ، فانصرف راجعا ، ومات في عامه» (١).
وناقش البعض هذه الرواية : بأن الخمر إنما حرمت في سورة المائدة ، وهي آخر ما نزل من القرآن. وفي الصحيحين من ذلك قصة حمزة والشارفين. فإن صح خبر الأعشى ، وما ذكر له في الخمر ، فلم يكن هذا بمكة ، وإنما كان بالمدينة ، ويكون القائل له : أما علمت أنه يحرم الخمر من
__________________
(١) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٥ ـ ٢٨ ، والأغاني ط ساسي ج ٨ ص ٨٥ و٨٦ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٠١ و١٠٢ ، والروض الأنف ج ٢ ص ١٣٦ ، وسيرة مغلطاي ص ٢٥ ، وتفسير الميزان ج ٦ ص ١٣٤ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٢ ، ومحاضرات الأدباء المجلد الثاني ص ٤١٨ ، والشعر والشعراء لابن قتيبة ص ١٣٥.