وفي الرواية التي عند المفيد رضوان الله عليه : «فسار بريدة ، حتى انتهى إلى باب النبي «صلى الله عليه وآله» ، فلقيه عمر ، فسأله عن حال غزوتهم ، وعن الذي أقدمه ؛ فأخبره : أنه إنما جاء ليقع في علي ، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه ، فقال له عمر : امض لما جئت له ؛ فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي» (١).
وثالثا : وفي محاورة بين عمر وابن عباس ، كان مما قاله ابن عباس له : يا أمير المؤمنين ، إن صاحبنا من قد علمت ، والله ، إنه ما غير ولا بدل ، ولا أسخط رسول الله «صلى الله عليه وآله» أيام صحبته له.
فقال : ولا في ابنة أبي جهل ، وهو يريد أن يخطبها على فاطمة رضي الله عنها؟
قلت : قال الله في معصية آدم «عليه السلام» : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)(٢) ؛ فصاحبنا لم يعزم على إسخاط رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، ولكن الخواطر التي لا يقدر أحد على دفعها عن نفسه. وربما كانت من الفقيه في دين الله ، العالم بأمر الله ، فإذا نبه عليها رجع وأناب.
فقال : يا ابن عباس ، من ظن أنه يرد بحوركم ، فيغوص فيها معكم حتى بلغ قعرها ؛ فقد ظن عجزا (٣).
__________________
(١) إرشاد المفيد ص ٩٣ ، وقاموس الرجال ج ٢ ص ١٧٣ عنه.
(٢) الآية ١١٥ من سورة طه.
(٣) شرح النهج للمعتزلي ج ١٢ ص ٥١ ، ومنتخب كنز العمال ج ٥ ص ٢٢٩ بهامش مسند أحمد ، وحياة الصحابة ج ٣ ص ٢٤٩ عنه عن الزبير بكار في الموفقيات ، وقاموس الرجال ج ٦ ص ٢٥.