وغزوة ذي أمر كانت ـ كما يقولون ـ في أوائل السنة الثالثة للهجرة.
ومن غير المعقول : أن يحتفظ «صلى الله عليه وآله» بآيات تبقى معلقة في الهواء ـ إلى عدة سنوات ـ ثم يجعلها في سورة نزلت حديثا.
ثانيا : إن الآية تذكر :
١ ـ أن «قوما» قد هموا بأن يبسطوا أيديهم إلى المسلمين ، ودعثور شخص واحد ، ولم نعهد إطلاق كلمة «قوم» على الواحد.
وقول البعض : إن قوله تعالى : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ)(١) ، يشمل سخرية فرد من فرد ، لا يصح ؛ لأنه إنما يشمله بالملاك ، لا بالظهور اللفظي ، والآية التي نحن بصددها إنما هي إخبار عن حادث وقع ، وليس فيها شمول ملاكي ، كما هو ظاهر.
إلا أن يقال : إن نسبة ذلك إلى القوم باعتبار رضاهم بفعل دعثور هذا وهو كما ترى.
٢ ـ ومن جهة أخرى فإنها قد عبرت عن النبي «صلى الله عليه وآله» بضمير الجمع ، ولم نعهد التعبير عن الرجل الواحد بضمير الجمع إلا في مقام التعظيم ، وبضرب من التجوز.
وهو هنا يمتن على المسلمين جميعا بأن الله قد صرف عنهم من هموا ببسط أيديهم إليهم ، ولو كان المقصود هو النبي «صلى الله عليه وآله» فقط ، فلماذا يعبر عنه بضمائر الجمع؟
وقد يجاب عن ذلك : بأن ذهابه «صلى الله عليه وآله» ، وفقده ، يكون
__________________
(١) الآية ١١ من سورة الحجرات.