سببا لذهابهم وتشتتهم ، وضعفهم ، وبسط اليد إليه بسط لها إليهم ؛ لأنه قائدهم ، وبه قوام اجتماعهم.
إلا أن يقال : إن ذلك خلاف المفهوم من الآية ، وفيه نوع من التجوز والادعاء ؛ فلا يعتمد عليه إلا بدليل.
ثالثا : قال الحسني : «وموضع التساؤل في هذه القصة : أن النبي «صلى الله عليه وآله» هل كان ينفرد عن أصحابه في غزواته؟! وهل يتركه أصحابه وحيدا في تلك الفلاة ، والمشركون على مقربة منهم؟! وهب أنه ذهب إلى الشجرة ليجفف ثيابه من المطر ، ولكن كيف تركه ذلك الجيش المؤلف من (٤٥٠) مقاتلا؟ وخفي عليهم ذلك الرجل الذي تحدر من الجبل لاغتياله ، وهو بعيد عن أصحابه الخ ..»؟ (١).
ويمكن المناقشة في هذا بأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد تخلف عن الجيش الراجع من غزوة بدر ليمرض عليا «عليه السلام» كما تقدم في موضعه.
إلا أن يقال : إنه في بدر قد تخلف في موضع أمن ، لا في موضع مخافة.
وأما الإيراد على ذلك بأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد تخلف في بعض غزواته ، ليسابق زوجته عائشة (٢) فهو لا يصح ، لأننا نعتقد أنها مجرد قصص مختلقة وخيالية ، لا أساس لها من الصحة كما سيأتي.
__________________
(١) سيرة المصطفى ص ٣٨٤.
(٢) راجع : صفة الصفوة ج ١ ص ١٧٦ عن أحمد ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٩٠ ، ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٤٢٧ ، وسنن أبي داود ج ٣ ص ٣٠ ، وعن النسائي وابن ماجة.