وهم المسلمون ـ ولا سيما بملاحظة وجود المنافقين فيهم ـ حيث يرون أن الوضع العام للمسلمين لا يسمح لهم باتخاذ قرار الحرب ، الأمر الذي يجعل ارتكاب أخطار الحرب أهون عليهم ، وأقرب إلى احتمالات السلامة لهم. أو على مستوى النتائج ، والآثار ، بالنسبة لكلا الفريقين على حد سواء.
٢ ـ إن المسلمين ، وإن كانوا قد أثبتوا ـ ولا سيما في حرب بدر ـ أنهم مقاتلون من الدرجة الأولى ، وأنهم لا يهمهم شيء سوى رضا الله سبحانه .. فإن هذا الامتياز يمكن أن يصبح غير ذي أهمية ، حينما تكون ثمة حصون قادرة على جعل كل هذه الكفاءات بدون أثر ولا جدوى ، وهو ما أشار إليه سبحانه بقوله : (.. وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ ..) (١).
ومن الواضح : أن المسلمين لم يثبتوا بعد : أن لديهم قدرات ، وكفاءات لمواجهة حصون اليهود ، أو غيرهم.
٣ ـ إن اليهود يعتقدون : أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وأنهم شعب الله المختار ، ومعنى ذلك هو : أن دعوة محمد «صلىاللهعليهوآله» سوف تصبح خطرا أكيدا على امتيازهم هذا الذي يرون فيه مبرر وجودهم ، ورمز كل عزتهم ، وخلاصة مجدهم.
فكانوا يجدون أنفسهم ملزمين بإضعاف أمر هذه الدعوة ، وإسقاطها ، بقدر ما هم مكلفون بالحفاظ على حياتهم ووجودهم ، وكل خصائصهم.
وهم معنيون أكثر من أي فريق آخر بذلك ؛ لأن خسارتهم هذه الورقة ، وفقدانهم هذا الأمر إنما يعني خسارتهم لكل شيء.
__________________
(١) الآية ٢ من سورة الحشر.