حياته ، ومحاولتهم اغتياله ، وإن لم ينجحوا في مجال تنفيذ ذلك ، نقضا للعهد يبرر مواجهتهم بالموقف الصارم والحازم.
وواضح : أن اغتيال القيادة الإسلامية هو أجلى مظاهر الخيانة ، وأخطرها ، ولا يجب أن ننتظر من الخائنين إعلانهم للحرب ، والتصدي الفعلي والظاهر لها ، كما ربما يفترضه البعض.
المعاهدات في الإسلام :
ويحدثنا التاريخ : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد عاهد بني النضير ، كما عاهد غيرهم ، ولعل أبرز عهد عقده هو عهد الحديبية ، حيث أمر بكتابة نسختين للكتاب (١) لأن بالكتابة يتم الحفاظ على النص ، ويمكن الالتزام به ، ويكون مرجعا لا يمكن التشكيك ولا المراء فيه فيما إذا ثار خلاف. وقد اعتبر الإسلام هذه العهود وسيلة لإيقاف الحروب ، وللمنع من نشوبها ، تتوفر للإنسان المسلم في ظلها حرية التعبير ، وحرية العمل والحركة كما سنرى.
وهذا بالذات هو السر في أننا نجد الإسلام قد أولى العهود والاتفاقات أهمية بالغة ، ورسم لها حدودها ، وبيّن بوضوح تام مختلف الأصول والأهداف التي لا بد من رعايتها ، والحفاظ عليها فيها.
وبديهي : أن دراسة هذا الموضوع بعمق ، والإلمام بجميع جوانبه إسلاميا وتاريخيا ، يتطلب بذل جهد كبير ، ويحتاج إلى دارسة مستقلة ومنفصلة ، وإلى وقت يتيح الفرصة للاطلاع على قدر كاف من الآيات
__________________
(١) آثار الحرب في الفقه الإسلامي ص ٦٥٩ عن السياسة الشرعية ، للبنّا.