الذي لا يقوم على تقوى الله ، وإنما على عناوين وخصوصيات فرضتها طبيعة التحرك في مجال نشر الدعوة وتركيزها؟ ويوضح ذلك أن عمر بن الخطاب حين خطب بالجابية قال : «ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني ، فإن الله تعالى جعل له خازنا وقاسما.
ألا وإني بادئ بأزواج النبي «صلىاللهعليهوآله» فمعطيهن ، ثم المهاجرين الأولين ، أنا وأصحابي ، أخرجنا من مكة من ديارنا وأموالنا» (١).
ومهما يكن من أمر ، فإنك تجد في كتابنا هذا إشارات ونصوصا كثيرة في مواضع مختلفة توضح ما عانى منه الأنصار ، واختص به المهاجرون. واستيفاء البحث في هذا يحتاج إلى توفر تام ، وتأليف مستقل.
التصويب في الاجتهاد :
لقد استدل البعض بقوله تعالى : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) (٢) على جواز الاجتهاد ، وعلى تصويب المجتهدين (٣).
كما واستدلوا على جواز الاجتهاد بحضرة الرسول ، وعلى أن كل مجتهد
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ٢٠ وحول مصادر تمييز عمر بين الناس في العطاء ، وتفضيل بعضهم على بعض راجع كتابنا : «سلمان الفارسي في مواجهة التحدي».
(٢) الآية ٥ من سورة الحشر.
(٣) فتح القدير ج ٥ ص ١٩٧ وراجع : الجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ٨ عن الماوردي ، وعن الكيا الطبري وراجع : غرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج ٢٨ ص ٣٧ وأحكام القرآن لابن العربي ج ٤ ص ١٧٦٩.