وقال تعالى : (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) (١).
الخيانة في حجمها الكبير :
وبما أن الله سبحانه قد جعل عهده وذمته أمنا أفضاه بين العباد برحمته ، وحريما يسكنون إلى منعته ، ويستفيضون إلى جواره ، فإن الشرط الأساس فيه هو أنه لا إدغال ، ولا مدالسة ولا خداع فيه ؛ فإذا رأى أن العدو لا يعمل بشروط الصلح ومقتضيات العهد ، وإنما هو يتآمر ، ويعد العدة للغدر ، فإن نفس هذه الأعمال تكون نقضا منه للعهد ، وتخليا عن شروطه ، فلا معنى حينئذ للالتزام بهذا العهد من طرف واحد ، وإنما لا بد من نبذ العهد إليه ومعاملته معاملة الخائن المجرم ، قال تعالى : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) (٢).
وعن علي «عليهالسلام» : الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله ، والغدر بأهل الغدر وفاء عند الله (٣).
وبالنسبة إلى بني النضير ، فإنهم قد مارسوا الخيانة في أبشع صورها وأفظعها ، حين تآمروا على القيادة الإسلامية والإلهية ، فرد الله كيدهم إلى
__________________
(١) الآية ١٠٢ من سورة النساء.
(٢) الآية ٥٨ من سورة الأنفال.
(٣) نهج البلاغة ج ٣ ص ٢١٠ الحكمة رقم ٢٥٩ وغرر الحكم ج ١ ص ٦٠ وروض الأخيار ص ١١١ وربيع الأبرار ج ٣ ص ٣٧٥ ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٢٤٩.
وغرر الخصائص الواضحة ص ٥٩ ومصادر نهج البلاغة ج ٤ ص ٤ وص ٤٠١ عن بعض من تقدم وعن شرح النهج للمعتزلي ج ١ ص ٢١٦.