وعصية ، ولم أجد أنه دعا على بني عامر ، بل ذكر الواقدي : أنه «صلىاللهعليهوآله» قال : اللهم اهد بني عامر ، واطلب خفرتي من عامر بن الطفيل (١). ولعل عدم مشاركة بني عامر في الدفاع عمن أجارهم أبو براء ، إنما هو من أجل أن لا تحدث انشقاقات خطيرة بينهم وبين غيرهم ممن استجاب لابن الطفيل.
وأما القول بأن تخلي النبي «صلىاللهعليهوآله» عن بني عامر ، معناه التخلي عن كثير من الآمال ، فإنه غير واضح ، إذ ما ذا يمثل بنو عامر ، وما هو الدور الذي قاموا به ، أو يمكنهم أن يقوموا به في نصرته «صلىاللهعليهوآله»؟!
الأفق الضيق :
وما أقل عقل عامر بن الطفيل ، وما أحقر طموحاته وأحطها ، وما أضيق الأفق الذي يفكر فيه ، حينما نجده يفعل الأفاعيل انطلاقا من حالة انفعالية أثارها أمر تافه ، وتافه جدا ، جعله يرتكب أبشع جريمة ، ويخالف كل الأعراف والتقاليد ، فيغدر ، ويخفر الذمم ويقتل الرسول ، ويقتل الكثيرين غيره ، ويبادر إلى الزحف نحو المدينة ، كل ذلك من أجل أي شيء يا ترى ، وفي سبيل أية قضية؟!
إن ذلك كله .. كما ورد في الروايات قد كان من أجل أن صبيا عطس ، فشمّته النبي «صلىاللهعليهوآله» لأنه حمد الله ، ويعطس عامر فلا يحمد الله ، فلا يشمّته رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ١ ص ٣٥١.