ضرورة قطع الأشجار وحرقها :
لقد نزل القرآن ليرد على الذين عابوا قطع الأشجار ، وليؤكد على أن ذلك كان بإذن من الله سبحانه ، تماما كما كان ترك ما ترك منها بإذن الله تعالى ..
إذا ، فلا بد لنا من التعرف على السر الكامن وراء تجويز هذا العمل ، وصيرورته مقبولا ، بعد أن كان مرفوضا ، ومأذونا به بعد أن كان ممنوعا عنه.
فنقول :
إن الذي يبدو لنا هو : أن بني النضير أهل الزهو والخيلاء ، والعزة (١) كانوا يحسون في أنفسهم شيئا من القوة ، والمنعة في قبال المسلمين ، ويجدون : أن بإمكانهم مواجهة التحدي ، فيما لو أتيح لهم إطالة أمد المواجهة ، حيث يمكنهم أن يجدوا الفرصة لإقناع حلفائهم بمعونتهم ، ولا سيما إذا تحرك أهل خيبر الذين كان لديهم العدة والعدد الكثير ، حسبما تقدم في كلمات سلام بن مشكم. كما أن ابن أبي ومن معه قد يراجعون حساباتهم ، ويفون لهم بما وعدوهم به من النصرة والعون.
ولا أقل من أن يتمكن ابن أبي وأتباعه من إحداث بلبلة داخلية ، من شأنها إرباك المسلمين وزعزعة ثباتهم من الداخل.
وقد يمكن لقريش ، ولمن يحالفها من قبائل العرب ، أن يتحركوا أيضا لحسم الموقف لصالح بني النضير ، وصالحهم بصورة عامة.
__________________
(١) سيتضح ذلك حين الكلام عن كونهم في قومهم بمنزلة بني المغيرة في قريش ، فانتظر.