الشرع ، والعقل ، والإنسانية ، إنما يمثل لهم قيمة أخلاقية وإنسانية ، وحدا شرعيا ، لا بد لهم من الالتزام به ، والوقوف عنده : إن ذلك يمثل جزءا من وجودهم ، ومن شخصيتهم ، وإن الإخلال به سوف يوقعهم في تناقض مع أنفسهم بالدرجة الأولى ، ولسوف يجعلهم وجها لوجه مع أحكام العقل ، ومقتضيات الفطرة.
الثالث :
أما بالنسبة لموقف المسلمين الصارم والحازم من ناقضي العهود والمواثيق ، فإن ذلك هو ما تفرضه عليهم المسؤوليات الإنسانية والإسلامية أيضا ، بعد أن رضي أولئك المعتدون والناقضون للعهود بتحمل نتائج عملهم ، وأصبحوا وباء يريد أن يغتال فرص الخير من بين أيدي أهلها ، وأحق الناس بها.
وذلك لأن نقض العهود معناه : استخدام مناشئ القوة في سبيل ضرب مواقع الخير ، ومناشئه ، وتكريس الامتيازات لجهة الشر ، والانحراف ، الذي لا بد أن تنال سلبياته ، ويمتد وباؤه إلى كل مواقع الخير ، والسلامة ويقضي عليها.
فتصبح الحركة لضرب الشر في مواقعه ومناشئه حالة طبيعية يمارسها الإنسان المسلم ، ومسؤولية إلهية وإنسانية ، وعقلية ، وفطرية ، يفرضها واقع الحياة ، وحق الدفاع عن الوجود ، وعن الإنسانية والفطرة.
الجرأة ومبرراتها :
وبعد كل ما تقدم ، فإن السؤال الذي ربما يراود ذهن البعض هو : أنه قد تقدم : أن اليهود ، وكل من لا يؤمن بالآخرة ، وكذلك كل من يرى : أن الدنيا هي كل شيء بالنسبة إليه .. لا يمكنهم أن يقدموا على الموت وعلى