انتفاع الفقراء والمحتاجين بها ، ولتصبح بأيدي خصماء أهل البيت من بني أمية ، الذين كانوا يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع ، على حد تعبير علي «عليهالسلام» في خطبته الشقشقية المذكورة في نهج البلاغة.
الزهد .. الحرية :
وكلمة أخيرة نود تسجيلها هنا ، وهي : أن بعض الناس يرى في الزهد معنى غير واقعي ، ولا سليم.
فيرى : أن الزهد هو : أن يلبس الإنسان الخشن ، ويأكل من فضول طعام الناس ، ويتخلى عن كل شؤون الحياة ، فلا يعمل ، ولا يسعى ، ولا يكد على عياله ، ولا يملك شيئا من حطام الدنيا .. وذلك لأن عمله ، وحصوله على المال إنما يعني : أنه يحب الدنيا ، وليس ذلك من الزهد في شيء.
وإذا كان لا مال لديه ، فلا يكون مكلفا بشيء ، ولا يتحمل أية مسؤولية مالية ، لا تجاه نفسه ، ولا تجاه غيره.
ونقول :
إن هذا الفهم للزهد ، غير مقبول في الإسلام ، بل هو خطأ كبير وخطير ، فإن الحصول على المال لا ينافي الزهد ما دام يضعه في مواضعه التي يريدها الله ، فقد روي عن النبي «صلىاللهعليهوآله» قوله : نعم المال الصالح للرجل الصالح (١).
فالإسلام يقول : إنك إذا استطعت أن تحصل على المال لتوظفه في قضاء
__________________
(١) جامع بيان العلم ج ٢ ص ١٦ ومسند أحمد ج ٤ ص ١٩٧ و ٢٠٢.