الشريفة والنصوص الواردة عن النبي «صلىاللهعليهوآله» والأئمة «عليهمالسلام» ، ثم دراسة المعاهدات التي عقدت في صدر الإسلام وظروفها ، ولا نجد أنفسنا قادرين على توفير ذلك في ظروفنا الراهنة.
إلا أن ذلك لا يمنع من إيراد إلماحة سريعة ، ترتكز ـ عموما ـ على بعض ما ورد في هذا المجال في خصوص نهج البلاغة ، فنقول :
من عهد الأشتر :
قال «عليهالسلام» في عهده لمالك الأشتر :
«.. ولا تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك ولله فيه رضا ؛ فإن في الصلح دعة لجنودك ، وراحة من همومك ، وأمنا لبلادك ، ولكن الحذر كل الحذر من عدوك ، بعد صلحه ؛ فإن العدو ربما قارب ليتغفل ، فخذ بالحزم ، واتهم في ذلك حسن الظن.
وإن عقدت بينك وبين عدوك عقدة ، أو ألبسته منك ذمة ، فحط عهدك بالوفاء ، وارع ذمتك بالأمانة ، واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت ؛ فإنه ليس من فرائض الله شيء الناس أشد عليه اجتماعا ، مع تفرق أهوائهم ، وتشتت آرائهم من تعظيم الوفاء بالعهود.
وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر (١) ؛ فلا تغدرن بذمتك ، ولا تخيسن بعهدك ، ولا تختلن عدوك ؛
__________________
(١) هذا يؤيد بما قدمناه في الجزء الثاني من هذا الكتاب من أن العرب كانوا أوفياء بعهودهم ، وقد فرض عليهم هذا الأمر طبيعة الحياة التي كانوا يعيشونها حيث رأوا : أنه لا يمكنهم العيش بدون ذلك.