فالآية في الحقيقة قد جاءت لتقريع وتأنيب المخالفين لأمر الرسول الأعظم «صلىاللهعليهوآله». لكن هذا الرجل قد عكس الآية في مفادها ومدلولها ، ولم يلتفت إلى المراد منها.
٣ ـ الحرق أم القطع؟!
وبعد .. فإننا نجد النصوص التاريخية تكاد تكون مجمعة على أنه «صلى الله على وآله» قد حرق النخيل. ولكن الآية الكريمة التي نزلت في هذه المناسبة لم تشر إلى ذلك أصلا ، وإنما سجلت القطع فقط. فلربما يكون الأمر منه «صلىاللهعليهوآله» قد صدر بالقطع دون الحرق ، فكان الحرق من بعض المسلمين ، اجتهادا منهم ، ولعله لم يكن ثمة حرق أصلا ، والله أعلم.
الحكم الفقهي في قطع الأشجار وحرقها :
لقد أفتى عدد من الفقهاء بحرمة قطع الأشجار في الحرب ، إلا في حال الضرورة (١). وحكم كثير من الفقهاء بالكراهة (٢).
__________________
(١) راجع : المهذب لابن البراج (مطبوع ضمن الينابيع الفقهية) كتاب الجهاد ص ٨٨ مقيدا للأشجار ب «المثمرة» وفي منتهى المطلب ج ٢ ص ٩٠٩ عن أحمد ، وقد حكي القول بعدم الجواز عن الليث بن سعد ، وأبي ثور ، والأوزاعي فراجع : فتح الباري ج ٥ ص ٧ والجامع الصحيح ج ٤ ص ١٢٢ وفقه السيرة ص ٢٨٠ وعن شرح النووي على صحيح مسلم ج ١٢ ص ٥٠.
(٢) تذكرة الفقهاء ج ١ ص ٤١٢ و ٤١٣ وراجع : السرائر ص ١٥٧ وتحرير الأحكام ج ١ ص ١٣٥ وشرائع الإسلام ج ١ ص ٣١٢ والقواعد (المطبوع مع الإيضاح) ج ١ ص ٣٥٧ والجامع لأحكام الشرائع ص ٢٣٦ ومنتهى المطلب ج ٢ ص ٩٠٩