٨ ـ الفتح على يد علي عليهالسلام :
وكان من الطبيعي : أن يكون لهذه الضربة تأثير كبير على معنويات بني النضير ، وأن يضج الرعب في قلوبهم. فإن تصدي رجل واحد من المسلمين لعشرة منهم ، ثم قتل العشرة جميعا ، يؤذن بأن المسلمين قادرون على إبادتهم ، واستئصال شأفتهم بسهولة ويسر.
وإذا كان يمكن اعتبار حرق الأشجار وقطعها تهديدا ، وممارسة لمستوى من الضغط ، قد يتم التراجع عنه ، حين يؤول الأمر إلى سفك الدماء ، وإزهاق الأرواح ، فإن هذا التراجع قد أصبح غير محتمل على الإطلاق ، بعد أن باشر المسلمون عملا عسكريا بهذا المستوى ، وبهذه الشدة والصلابة والتصميم.
ولقد باشر هذا الأمر رجل هو أقرب الناس إلى رسول الله ، وأعرفهم بنواياه وآرائه ، وأشدهم اتباعا له. رجل عرفوا بعض مواقفه المرعبة في بدر وربما في أحد .. وهو علي بن أبي طالب «عليه الصلاة والسلام».
إذا .. وبعد أن تخلى عنهم حلفاؤهم ، ولم يف لهم المنافقون بما وعدوهم به ، فإنهم لم يبق لهم إلا هذه الأحجار التي يختبئوون خلفها كالفئران. ولكن إلى أي حد يمكن لهذه الحجارة أن تدفع عنهم ، وكيف وأنى لهم برد هجوم الجيش الإسلامي عنها حين يصمم على تدميرها؟!
فقد جاءهم ما لم يكن بالحسبان ، (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) (١) و «كان ذلك سبب فتح حصون بني النضير» كما تقدم في النص السابق.
__________________
(١) الآية ٢ من سورة الحشر.