وما ذلك إلا لأنهم يزنون الأمور بميزان مادي بحت من جهة ولأن الحالة الشعورية الانفعالية قد أصبحت هي المهيمنة على كل تفكيرهم ، وعلى كل تصوراتهم ، وهي التي تحركهم في هذا الاتجاه تارة ، وفي ذاك الاتجاه من جهة أخرى.
التصوير الحاقد ، والتزوير الرخيص :
ويحاول البعض أن يقول : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد ذهب إلى بني النضير ، ليطلب منهم مساعدة لدفع دية العامريين ، ولما كانت النضير حليفة عامر ؛ فلا شك أن تعقيدات نتجت عن ذلك ، وإن كانت المصادر لا تتحدث عنها.
ولربما فكر محمد بأن على اليهود أن يدفعوا أكثر مما يدفعه متوسط سكان المدينة ، فراق لليهود أن يدفعوا أقل (١).
ونقول :
إن ملاحظة العبارات الآنفة الذكر تعطينا : أن الهدف هو الإيحاء بأن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان يطلب من بني النضير دفع شيء لم يكونوا ملزمين بدفعه.
وأنه قد أحرجهم بطلبه ذاك ، للحلف الذي كان بينهم وبين بني عامر.
وإذا ، فبنو النضير يصبحون ضحية أطماع مالية لا مبرر لها ، ولا يصح مطالبتهم بها ، لا واقعا ، ولا أخلاقيا.
__________________
(١) محمد في المدينة ص ٣٢٢.