ذلك. من دون أن يقدموا لمجتمعهم أدنى ما توجبه عليهم القيم والمثل الإنسانية ، ولا حتى أن يعترفوا لغيرهم بأبسط الحقوق ، حتى حق الحياة ، فضلا عن حق الحرية ، والعيش بكرامة.
الرسل لا تقتل :
ويلاحظ هنا : أن عامر بن الطفيل قد ارتكب عملا شنيعا ، يرفضه الخلق الإنساني ، ويأنف منه حتى أكثر الناس بعدا عن المعاني الإنسانية والاخلاقية. ألا وهو قتل الرسول ، (حامل كتاب النبي «صلىاللهعليهوآله») وقد جرت عادة العرب قديما «بأن الرسل لا تقتل» (١) كما أنه يخفر ذمة أبي براء ، وما جرت عادة العرب بذلك أيضا.
وهناك جريمة ثالثة ، وهي أن قتله للرسول كان غدرا وغيلة وذلك أمر لا يستسيغه حر يحترم نفسه ، ويطمح إلى ما كان يطمح إليه مثل عامر. مع أنه هو نفسه يرسل إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» يطلب منه دية الرجلين ، اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري في طريقه رغم أن عمروا لم يكن يعلم بالعهد الذي أعطاهما إياه الرسول ، ورغم أن ما فعله عامر ، من شأنه أن ينسف كل العهود والمواثيق ، ويعطي حق المعاملة بالمثل الذي تقره جميع الأعراف ، ولا تمنع منه الشرائع.
ولكن سماحة الإسلام .. وحرص النبي «صلىاللهعليهوآله» على أن يعامل الناس بأخلاقه هو ، لا على حسب أخلاقهم هم ، هو الذي جعله لا
__________________
(١) السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٦٠.