وما كان أحراه بأن يستفيد من هذه القضية درسا حياتيا مفيدا ، فيتوجه نحو الله سبحانه ويعتبر أن العز ، والشرف ، والسؤدد بالقرب منه تعالى ، والعمل بما يرضاه ، وأن كل شيء بدون الله فهو حائل زائل ، وزخرف باطل ، لا قيمة له ، فيربي نفسه على ذكر الله ، والتقرب إليه لينال كل ما يصبو إليه من عز وشرف وحياة وسعادة.
ولكنه يتخلى عن ذلك كله ، ليتبع خطوات الشيطان ، ويشمخ بأنفه ، وينظر في عطفه ، ويصر مستكبرا صادّا عن ذكر الله سبحانه ، يتخيل أن بإمكانه أن يحصل على شيء بدون الله ، وبدون اللجوء إليه سبحانه ، فتكون النتيجة هي أنه يجلب لنفسه الوبال ، والدمار ، ويخسر الدنيا والآخرة وبئس للظالمين بدلا.
خلافة النبوة :
أما مطالب عامر بن الطفيل التي عرضها على النبي «صلىاللهعليهوآله» فهي تنقسم إلى قسمين :
أحدهما : يجسد طموحاته وأطماعه الدنيوية وحبه للتسلط ، والاستئثار ، فنجده يساوم النبي «صلىاللهعليهوآله» ـ كما فعله مسيلمة الكذاب فيما بعد (١) ـ ليقاسمه السلطة على الناس ، بزعمه ، فيقترح عليه أن يكون للنبي «صلىاللهعليهوآله» السهل ، ويكون لعامر أهل الوبر ، من دون أن يكون لديه أي مبرر لذلك ، سوى الغطرسة والطغيان ، والاعتزاز بألف أشقر
__________________
(١) فقد كتب النبي «صلىاللهعليهوآله» : أما بعد فإن الأرض لي ولك نصفان.