٣ ـ ولربما يؤيد القول بأن سورة الحشر قد نزلت بعد واقعة بني النضير ، التعبير بقوله : (مِنْ أَهْلِ الْقُرى) حيث إن وادي القرى قد افتتحت بعد ذلك.
ولكنه تأييد غير تام : فإن الحكم في الفيء عام ، ولا يختص بأهل وادي القرى ، كما أنه لم يثبت كون المراد بأهل القرى هو وادي القرى ، إذ يمكن أن يكون المراد : أهل البلاد مطلقا.
أضف إلى ذلك : أن الآية التالية ، المشيرة إلى إعطاء المهاجرين ، وعدم تغيظ الأنصار من إعطاء إخوانهم ، بل هم يؤثرونهم على أنفسهم ، ولو كان بهم خصاصة ـ إن هذه الآية ـ تؤيد كون المراد هو بنو النضير ، لأن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يعط الأنصار من أموالهم شيئا ، سوى رجلين أو ثلاثة ، كما أوضحناه حين الكلام حول تقسيم أراضي بني النضير ، فليراجعه من أراد.
٤ ـ إن ما ذكر في الجواب الثاني غير تام ، فإن كثرة الخيل والركاب ، وقلتها ، وبعد المسافة وقربها لا يؤثر شيئا في حكم الفيء ، ما دام أن الملاك هو الأخذ عنوة وعدمه ، كما أن كثرة القتال وقلته لا يؤثر في ذلك شيئا.
الجواب الأمثل :
وعليه .. فالأولى في الجواب : أن يقال : إن القتال الذي كان ـ إن صح أنه قد كان ثمة قتال ـ لم يكن به الفتح ، وإنما فتحت صلحا ، وهذا هو الميزان في الفيء والغنيمة ، فإن كان الفتح صلحا كان فيئا ، وإن كان بقتال كان غنيمة ، فالحكم تابع للنتيجة ، مهما كانت مقدماتها.
هذا .. بالإضافة إلى أن ما أرعب اليهود وجعلهم ييأسون ، وحملهم على الصلح لم يكن هو القتال المشار إليه ، وإنما كان قطع النخيل ، وإحراقه.