تمهيد ضروري :
هناك بعض الأحداث الهامة ، والمواقف الحساسة ، التي تحمل في طياتها الكثير من العبر والعظات ، وتترك لها آثارا بارزة على منحى وعمق الفكر الإنساني ، والرسالي ، وعلى الفهم الدقيق للمسار العام في خط الرسالة ..
هذا عدا عن التأثير الظاهر لها في البنية العقائدية ، وفي اللاشعور ، والشعور الوجداني المهيمن على الموقف ، والحركة ، والسلوك للإنسان في مختلف مراحله وأدواره ، وفي كثير من أحواله وأطواره.
ولكن هذه الأحداث والمواقف بالذات ، وخصوصا ما كان منها في العهد النبوي الشريف لم تنل قسطها من البحث والتقصي من قبل العلماء وأهل الفكر بل مروا عليها ـ تقريبا ـ مرور الكرام ، فبدت : وكأنها أمور تافهة وحقيرة ، ومحدودة وصغيرة ، وخيّل إلى الكثيرين : أنها ليس فيها ما ينفع ولا ما يجدي .. فكان طبيعيا أن يبقى الكثير من جوانبها ، وحقائقها ، وظروفها وملابساتها رهن الإبهام ، والإهمال ، وكأنها ليست حقيقة ثابتة ، وإنما هي محض وهم أو خيال.
ولا نبعد كثيرا إذا قلنا : إن غزوة بني النضير كانت واحدة من هذه الأحداث ، التي لها هذه الحالة التي أشير إليها ، فهي حدث فريد ومتميز ، لا