فقد كان قطع النخل ضروريا ولازما ، من أجل قطع آمال بني النضير ، وكل آمال غيرهم أيضا ، وخزيهم وخزي سائر حلفائهم ، وعلى رأسهم ابن أبي ، ومن معهم من المنافقين ، ثم كل من يرقب الساحة ، ويطمع في أن يستفيد من تحولاتها في تحقيق مآربه ضد الإسلام ، والمسلمين.
ومن هنا نعرف السر في قوله تعالى : (.. وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) بدل : «الكافرين» ، من أجل أن يشمل الخزي كل من يسوءه ما جرى لبني النضير ، حتى أولئك الذين يتظاهرون بالإسلام ، أو بالمودة الكاذبة للمسلمين.
وهذه ما يفسر لنا : الاهتمام الكبير الذي أولاه سبحانه لموضوع قطع النخل ، حتى لقد خلده في آية قرآنية كريمة ، فإن القضية كانت أكبر من بني النضير ، وأخطر ، حسبما أوضحناه.
المهاجرون!! وقطع النخل :
بقي علينا أن نشير هنا إلى أن البعض يذكر : أن المهاجرين هم الذين اختلفوا فيما بينهم حول قطع النخل.
فعن مجاهد ، قال : نهى بعض المهاجرين بعضا عن قطع النخل ، قالوا : إنما هي مغانم للمسلمين (١).
ونلاحظ : أن هذا بالذات كان رأي عبد الله بن سلام ، الذي كان يهوديا
__________________
(١) جامع البيان ج ٢٨ ص ٢٣ و ٢٢ وتفسير القرآن العظيم ج ٤ ص ٣٣٣ وفتح القدير ج ٥ ص ١٩٦ وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٤٢٩ والدر المنثور ج ٦ ص ١٨٨ عن عبد الرزاق ، وعبد بن حميد وابن المنذر ، والبيهقي في الدلائل.