وصلابتهم في وجه الحصار ، وبضعف في موقف المسلمين ـ سوف يوجب أن تلحق بالمسلمين خسائر كبيرة ، مادية وبشرية ، لو أمكن توفيرها لما هو أهم لكان أجدر وأولى.
فإذا استطاع النبي «صلىاللهعليهوآله» والمسلمون كسر عنجهية بني النضير وغزوهم قبل أن يستفحل الأمر ، وإفهامهم ـ ومن هو على مثل رأيهم ـ مدى التصميم على المواجهة والتحدي ، حتى يفقدوا الأمل بجدوى المقاومة ، وليفهموا ـ بصورة عملية ـ أنهم إذا كانوا يطمعون بالبقاء في أرضهم ، فإن عليهم أن يقبلوا بها أرضا محروقة ، جرداء ، ليس فيها أي أثر للحياة ، ولا تستطيع أن توفر لهم حتى لقمة العيش التي لا بد منها ـ هذا فيما لو قدر لهم أن يحتفظوا بالحياة ، ويخرجوا أو بعضهم سالمين من هذه الحرب التي جروها على أنفسهم ـ.
نعم .. إنه «صلىاللهعليهوآله» إذا استطاع ذلك ، فإنه يكون قد وفر على نفسه ، وعلى الإسلام والمسلمين الكثير من المتاعب ، والمصاعب ، والمصائب ، التي ألمحنا إليها.
وهذا هو ما اختاره رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فعلا ، وبادر إليه عملا. فكان قطع النخيل وحرقه يمثل قطع آخر آمالهم ، وتدمير كل أمانيهم ، وغاية ذلهم وخزيهم.
ورأوا حينئذ : أن لا فائدة من الاستمرار في اللجاج والتحدي إلا تكبد المزيد من الخسائر ، ومواجهة الكثير من النكسات.
وهذا بالذات ، هو ما يفسر لنا قوله تعالى في تعليل إذن الله سبحانه بقطع النخل : (.. وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ).