ونجد في مقابل ذلك التزاما تاما من قبل النبي «صلىاللهعليهوآله» بالعهود والمواثيق المعقودة.
ونحن نشير هنا إلى الأمور الثلاثة التالية :
الأول :
بالنسبة لعدم التزام اليهود في عهودهم نقول : إن ذلك طبيعي بالنسبة إلى قوم يزنون الأمور بموازين الربح والخسارة في الدنيا ؛ فإن من كان كذلك لا يلتزم بالصدق ـ مثلا ـ لأجل أن له قيمة أخلاقية أو إنسانية ، أو لأن فيه رضا الله سبحانه وتعالى وإنما يلتزم به لأنه يجلب له نفعا دنيويا ملموسا ، أو يدفع عنه ضررا كذلك .. وبدون ذلك ؛ فإنه لا يجد مبررا ولا دافعا للالتزام به ، بل هو حين يلتزم بصدق لا يشعر بنفعه الدنيوي يجد نفسه متناقضا مع مبدئه ، ومع منطلقاته في التفكير وفي العمل ، التي رضيها لنفسه.
وكذلك الحال بالنسبة لسائر الكمالات والفضائل الإنسانية ، وبالنسبة لكل الالتزامات ، والعهود ، والمواثيق ، التي يفرضها عليه واقع دنيوي معين ؛ فإنه إذا تجاوز ذلك الواقع ، فسوف لا يجد ما يبرر التزامه بذلك الكمال ، وتلك الفضيلة ، أو وفاءه بهذا العهد والميثاق ، أو ذاك. بل كل المبررات متضافرة لديه ، وكل القناعات حاكمة عليه بلزوم نقضها ، والنكث بها ، والالتزام بضدها.
الثاني :
بالنسبة لالتزام النبي «صلىاللهعليهوآله» والمسلمين بعهودهم ومواثيقهم :
فقد اتضح : أنهم لا بد أن يكونوا فيها على العكس من اليهود تماما ، إذ قد أصبح من البديهي : أن العهد ، والميثاق وكل شيء آخر يفرضه عليهم