وقد قدمنا : في الجزء العاشر من هذا الكتاب : الصحيح هو أن غزوة الخندق قد كانت سنة أربع ، وقيل سنة خمس. وقد ذكرنا الأدلة والشواهد على ذلك.
أما غزوة المريسيع فكانت في سنة ست كما أسلفنا ، فسعد بن معاذ إذن لم يكن حيا في سنة ست.
ومن قال بأن المريسيع كانت قبل الخندق ، فإنه إنما أراد تصحيح حديث الإفك ، مع غفلته عن أنه لا ضرورة لتغيير حقائق التاريخ لأجله ، مع توفر الأدلة والشواهد التي تمنع من الأخذ به ، وتوجب الانصياع لما هو الحق في ترتيب تواريخ هذه الأحداث.
غير أن المسعودي قال : إن غزوة الخندق كانت سنة خمس ، وغزوة المريسيع كانت سنة أربع (١).
كما أن بعض من قال بأن الخندق والمريسيع كانتا معا في سنة خمس ، فإنهم قد حرصوا على اعتبار الخندق بعد المريسيع أيضا ، لأجل حديث الإفك بالذات ، حيث أيدوا قولهم هذا بأن سعد بن معاذ قد مات بعد الخندق مباشرة ، فلو كانت المريسيع سنة ست لكان ذكر سعد في حديث الإفك غلطا ، فلابد من أن تكون المريسيع قبل الخندق (٢).
__________________
(١) مروج الذهب ج ٢ ص ٢٨٩.
(٢) راجع : بهجة المحافل ج ١ ص ٣٤١ وفتح الباري ج ٧ ص ٣٣٢ ونقله ص ٣٦٠ و ٣٦١ عن إسماعيل القاضي ، ونقله عن إسماعيل أيضا في شرح مسلم للنووي (مطبوع بهامش إرشاد الساري) ج ١٠ ص ٢٢٧. ونقله المعلق على السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ بهامش ص ٣٠٢ عن الزرقاني. وراجع أيضا : وفاء الوفاء ج ١ ص ٣١٤.