أراد قط إنفاذ قتل ذلك المجبوب ، لكن أراد امتحان علي في إنفاذ أمره ، وأراد إظهار براءة المتهم وكذب التهمة عيانا. وهكذا لم يرد الله تعالى إنفاذ ذبح إسماعيل بن إبراهيم «عليهماالسلام» إذ أمر أباه بذبحه ، لكن أراد الله تعالى إظهار تنفيذه لأمره» (١).
وليت ابن حزم قال : إنه «صلىاللهعليهوآله» أراد إظهار طاعة علي «عليهالسلام» كما هو حال إبراهيم حين أمره الله بذبح ولده اسماعيل.
وأجاب السيد المرتضى «رحمهالله تعالى» :
بأن من الجائز أن يكون القبطي معاهدا ، وأن النبي كان قد نهاه عن الدخول إلى مارية ، فخالف وأقام على ذلك ، وهذا نقض للعهد ، وناقض العهد من أهل الكفر مؤذن بالمحاربة ، والمؤذن بها مستحق للقتل.
وإنما جاز منه «صلىاللهعليهوآله» أن يخير بين قتله والكف عنه ، وتفويض ذلك إلى علي «عليهالسلام» ، لأن قتله لم يكن من الحدود والحقوق ، التي لا يجوز العفو عنها ، لأن ناقض العهد إذا قدر عليه الإمام قبل التوبة له أن يقتله ، وله أن يعفو عنه.
وأشكل أيضا : بأنه كيف جاز لأمير المؤمنين «عليهالسلام» الكف عن القتل ، ومن أي جهة آثره لما وجده أجب ، وأي تأثير لكونه أجب فيما استحق به القتل ، وهو نقض العهد؟!
وأجاب : بأنه كان له «عليهالسلام» أن يقتله مطلقا حتى مع كونه أجب لكنه «عليهالسلام» آثر العفو عنه ، من أجل إزالة التهمة والشك الواقعين في أمر
__________________
(١) المحلى ج ١١ ص ٤١٣ و ٤١٤.