الفرديّة في العامّ واللّوازم الغير البيّنة اللّزوم ، فما ترجّح جوازه في ظنّ المجتهد ، فيجوز ، وما ترجّح عدمه ، فلا ، وما تردّد فيه ، فيرجع فيه الى الأصل من عدم الجواز.
والقول : بأنّ الرخصة في نوع العلاقة في المجاز يوجب العموم في الجواز ، غفلة عمّا حقّقناه في أوائل الكتاب (١) وفي أوائل الباب ، إذ قد عرفت أنّ نوع العلاقة اطّراده غير معلوم بالنسبة الى جميع الأصناف ، وفي جميع أنواع العلائق ، وسنبطل ما استدلّ به المجوّزون.
واحتجّ الأكثرون على ذلك (٢) : بقبح قول القائل : أكلت كلّ رمّانة في البستان وفيه آلاف ، وقد أكل واحدة أو ثلاثا. ولعلّ مرادهم استقباح أهل اللّسان واستنكارهم ذلك من جهة ما ذكرنا من عدم ثبوت مثله عن العرب (٣) ، لا محض الغرابة والمنافرة الموجبتين لنفي الفصاحة ، إذ عدم الفصاحة لا يستلزم عدم الجواز إلّا أن يراد استقباحه في كلام الحكيم ، سيّما الحكيم على الإطلاق الذي هو موضوع علم الأصول (٤) ، ولكنّ ذلك لا يثبت نفي الجواز لغة ، والقطع بعدمه في كلام الحكيم أيضا مطلقا ، غير واضح ، والمقام قد يقتضي ذلك.
احتجّ مجوّزوه الى الواحد بأمور :
الأوّل : أنّ استعمال العامّ في غير الاستغراق ، مجاز على التحقيق ، وليس بعض
__________________
(١) في قانون جواز إرادة أكثر من معنى من معاني المشترك في إطلاق واحد وعدمه.
(٢) أي على أنّه لا بد في منتهى التخصيص من بقاء جمع يقرب من مدلول العام ، وبذكرهم للمثال المذكور في نفس الباب في «المعالم» و «الوافية» و «التهذيب» و «المعارج» و «الفصول» وبمثال مثله في «المحصول».
(٣) فالمراد من الاستقباح حينئذ مساوق الغلط.
(٤) أي كلام الحكيم الذي هو الكتاب المجيد موضوع علم الأصول.