الأفراد أولى من البعض ، فيجوز أن ينتهي الى الواحد.
وردّ : بمنع عدم أولويّة البعض (١) ، لأنّ الأكثر أقرب الى الجميع.
وعورض (٢) : بأنّ الأقلّ متيقّن الإرادة مع الكلّ ومع الأكثر ، بخلاف الأكثر ، فإنّه متيقّن المراد من الكلّ خاصّة ، على أنّ أقربيّة الأكثر تقتضي أرجحيّة إرادته على إرادة الأقلّ لا امتناع إرادة الأقلّ.
وفي أصل الاستدلال وجميع الاعتراضات نظر.
أمّا في الاعتراضات فإنّ مبناها على ترجيح المراد من العامّ المخصوص كما لا يخفى ، لا بيان جواز أيّ فرد من أفراد التخصيص وعدمه كما هو المدّعى ، فإنّما يتمشّى هذه إذا علم التّخصيص في الجملة ، فلو دار الأمر بين التخصيصات المختلفة ، أمكن التمسّك بأمثال ما ذكر ، ولا يمكن ذلك في إثبات أصل الجواز وعدمه ، بل لا يجري بعض المذكورات (٣) فيه أيضا.
مثلا إذا قيل : اقتلوا المشركين ، والمفروض أنّ المشركين مائة ، واحد منهم مجوسيّ والباقون أهل الكتاب ، وورد بعد ذلك نهي عن قتل المجوس ، وورد نهي آخر عن قتل أهل الكتاب ، وفرضنا تساوي الخاصّين من حيث القوّة ، فمن يلاحظ الأقربيّة الى الجميع ، فلا بدّ أن يبني على النّهي الأوّل (٤) ، ومن يلاحظ تيقّن الإرادة ، فلا بدّ أن يبني على الثاني (٥) ، ولكنّك خبير بأنّه لا معنى حينئذ
__________________
(١) حكاه في «المعالم» عن العلّامة في «النهاية» وفي «تهذيبه» : ص ١٣٦ أيضا.
(٢) وهذا من صاحب «المعالم» : ص ٢٧٣.
(٣) وهو القول بأنّ الأقل متيقن الإرادة مع الكلّ ومع الأكثر.
(٤) وهو النهي عن قتل المجوسي.
(٥) أي على النهي الثاني وهو النهي عن قتل أهل الكتاب.