بتقريب أن يقال : إنّه موضوع للإخراج المخصوص ، وهو الإخراج عن الأخيرة فاستعمل في الإخراج المطلق الشامل للإخراج عن الأخيرة ، والإخراج عن غيرها ، فإنّ جزء الموضوع له هو مطلق الإخراج ، أي الماهيّة الجنسيّة ، ولا ريب أنّه لم يستعمل فيه (١) حينئذ ، بل استعمل في فرد خاصّ آخر منه وهو الإخراج عن كلّ واحد ، وهذا ليس من باب إطلاق المشفر على شفة الإنسان ، إذ الشفة ماهيّة مشتركة بينهما وبين غيرهما أيضا من شفاه الحيوانات ، ومع ملاحظة هذا النوع من العلاقة يصحّ استعماله في كلّ شفة ، بخلاف ما نحن فيه ، لعدم جواز استعماله في كلّ إخراج.
نعم لو فرض الكليّ الذي هو جزء الإخراج عن الأخيرة هو القدر المشترك بينه وبين الإخراج عن الجميع ، لتمّ ما ذكر ، وليس فليس. وما ذكرنا (٢) أيضا ممّا يوهن هذا القول ويضعّفه.
هذا كلّه ، مع أنّه لو تمّ هذا الاستدلال لا يضرّ ما اخترناه في المسألة أصلا ، فإنّا لا نقول بجواز رجوعه الى كلّ واحد ، لا حقيقة ولا مجازا.
ومنها (٣) : أنّ الاستثناء من الاستثناء يرجع الى ما يليه دون ما تقدّمه اتّفاقا ، فإذا قال القائل : ضربت غلماني إلّا ثلاثة إلّا واحدا ، كان الواحد المستثنى راجعا الى الجملة التي تليه دون ما تقدّمها ، فكذا في غيره ، دفعا للاشتراك (٤).
__________________
(١) لم يستعمل في مطلق الاخراج.
(٢) أي ما ذكرنا هنا علاوة مما ذكره صاحب «المعالم» ، أو ما ذكرنا سابقا في بيان الوجه المختار أو ما ذكرنا هنا من عدم وجه لتصحيح علاقة المجاز هنا. هذا كما في الحاشية.
(٣) وهي مما احتجّ بها أبو حنيفة من الوجوه.
(٤) وهو الاشتراك بين الرجوع الى الأخيرة في صورة الاستثناء من الاستثناء والى الجميع في غير هذه الصورة.