ولمّا كان مدرك حجّيّته مختلفا بالنسبة الى مذاهب العامّة والخاصّة ، فلنذكر أوّلا ما اعتمد عليه الخاصّة ، ثمّ نذكر ما اعتمد عليه العامّة.
أمّا الخاصّة فاعتمدوا في ذلك على كشفه عن رأي المعصوم عليهالسلام ، فلا حجّيّة عندهم في الإجماع من حيث إنّه إجماع ، بل لأنّه كاشف عن رأي رئيسهم المعصوم ، ولهم في بيان ذلك وجوه ثلاثة :
أوّلها : ما اشتهر بين قدمائهم (١) ، وهو أنّهم يقولون : إذا اجتمع علماء أمّة النبيّ صلىاللهعليهوآله على قول فهو قول الإمام المعصوم القائم بعده ، لأنّه عليهالسلام من جملة الامّة وسيّدها ، فإذا ثبت اجتماع الامّة على حكم ، ثبت موافقته لهم.
فإن قيل : إن علم أنّه قال بمثل ما قال سائر الأمّة ، فلا معنى للاعتماد على اتّفاق سائرهم ، فالمعتمد هو قوله ، وإلّا فكيف يقول : إنّه موافق لهم.
قلنا (٢) : فرق بين العلم الإجمالي والتفصيلي ، وكلامنا إنّما هو في العلم الإجمالي ، وما علم قوله فيه بالتفصيل فالكلام فيه هو ما ذكرت ، وذلك (٣) من باب كلّيّة الكبرى في الشكل الأوّل ، فإنّ العلم بجسميّة الإنسان في ضمن قولنا : كلّ حيوان جسم ، إنّما هو بالإجمال لا بالتفصيل حتى يستلزم الدّور (٤) ، كما أورده
__________________
(١) ذكر العلّامة مثله في «المبادئ» ص ١٩٠ ، و «التهذيب» ص ٢٠٣. ومآل هذه الطريقة الى دخول نفس المعصوم عليهمالسلام في المجمعين. ويجوز أن يكون مرادهم أعم من دخوله شخصا أو قولا.
(٢) وفي هذا القول كلام من صاحب «الفصول» ص ٢٤٣.
(٣) أي العلم الاجمالي من الاجماع نظير العلم الاجمالي الحاصل من كبرى الشكل الأوّل.
(٤) لعل المراد بالدّور تقدم الشيء على نفسه أو يراد الدّور الاصطلاحي ، ولمزيد المعرفة راجع الحاشية الآتية بعد هذه.