وأصحّ ، يتقوّى جانب الشّهرة ، ويضعف الطرق الأخر.
ثمّ إنّ صاحب «المعالم» رحمهالله (١) اعترض على الشهيد رحمهالله بمثل ما سبق (٢) ، وبأنّ الشهرة التي تحصل معها قوّة الظنّ هي الحاصلة قبل زمن الشيخ رحمهالله ، لا الواقعة بعده. قال : وأكثر ما يوجد مشتهرا في كلام الأصحاب حدث بعد زمن الشيخ كما نبّه عليه والدي في كتاب «الرّعاية» الذي ألّفه في دراية الحديث مبيّنا لوجهه ، وهو أنّ أكثر الفقهاء الّذين نشئوا بعد زمن الشيخ كانوا يتّبعونه في الفتوى تقليدا له لكثرة اعتقادهم فيه وحسن ظنّهم به ، فلمّا جاء المتأخّرون ، وجدوا أحكاما مشهورة قد عمل بها الشيخ ومتابعوه ، فحسبوها شهرة بين العلماء ، وما دروا أنّ مرجعها إلى الشيخ ، وأنّ الشّهرة إنّما حصلت بمتابعته. ثمّ نقل عن والده (٣) تأييدا لما ذكره من كلام بعض أصحابنا.
وأنت خبير بأنّ هذا الكلام في غاية البعد ، فإنّ توجيه كلام والده لا يمكن بمثل ما نقلناه عن الشهيد رحمهالله فيما لو يعرف خلاف للجماعة ولم يظهر مستندهم في الحكم ، فإنّ ذلك (٤) في المقام الذي لم يظهر مستند الحكم ، ولا بأس حينئذ (٥)
__________________
(١) ص ٣٣٤.
(٢) من أنّ العدالة إنّما يؤمن معها تعمّد الافتاء كما هو قوله في المسألة السّابقة.
(٣) حيث قال : وممن اطّلع على هذا الذي بيّنه وحققه من غير تقليد الشيخ الفاضل المحقق سديد الدين محمود الحمصي والسيد رضي الدين بن طاوس وجماعة. قال السيد رحمهالله في كتابه المسمى «بالبهجة في ثمرة المهجة» : أخبرني جدّي الصالح ورّام بن أبي فراس أنّ الحمصي حدّثه : أنّه لم يبق في الإماميّة مفت على التحقيق ، بل كلام [كلّهم] حاك. وقال السيد عقيب ذلك ؛ والآن فقد ظهر أنّ الذي يفتى به ويجاب على سبيل ما حفظ من كلام العلماء المتقدمين. انتهى.
(٤) وهو الذي نقلناه عن الشهيد.