الأحكام على النطق والكلام ، وأنّ الكلام كلّه لا يفيد اليقين ، بل أكثره مبتن على الظنّ من العمل بأصل الحقيقة في الحقائق ، وبالقرائن في المجازات ، مع احتمال إرادة المجاز واختفاء القرينة على السّامع واحتمال اشتباه القرينة بقرينة اخرى ، ولم يعهد من نبيّ ولا وصي ، ولا متكلّم إنسيّ من حكيم وعاقل أو سفيه وجاهل ، التوقّف في حال التكلّم مع مخاطبه في أنّه هل حصل له اليقين بمرامه أم اكتفى بالظنّ ، بل لو توقّف وكرّر عليه القول واستفسر وبيّن له ثانيا أيضا ، فلا ينفكّ ذلك أيضا غالبا عن لفظ آخر محتمل لتلك الوجوه وهكذا. وسيجيء زيادة توضيح لذلك.
فالمراد من المتشابه هو ما لم يتّضح دلالته بأن يصير السّامع متردّدا لأجل تعدّد الحقائق أو لأجل خفاء القرينة المعيّنة للمجاز ، لتعدّد المجازات وهكذا.
والحاصل ، ما لم يكن له ظاهر اريد منه ، سواء لم يكن له ظاهر (١) أو كان ولم يرد (٢) واشتبه دلالته في غيره ، فما وضح دلالته إمّا للقطع بالمراد (٣) أو للظّهور (٤) المعهود الذي يكتفي العقلاء وأرباب اللّسان به ، فهو المحكم ، ومقابله المتشابه.
فخذ هذا ودع عنك ما استشكله بعضهم في هذا المجال لإطلاق المحكم في كلام بعض العلماء على ما يرادف النصّ أو يدّعى استفادة ذلك من بعض الأخبار أيضا.
وأنّ في بعض الأخبار ما يدلّ على أنّ المحكم هو الثّابت لا المنسوخ (٥) ، وأنّ المنسوخ من المتشابهات ، فإنّ الظاهر أنّ المراد من كون المنسوخ من المتشابهات
__________________
(١) كما في المجمل.
(٢) كما في المأوّل.
(٣) كما في النص.
(٤) كما في الظواهر.
(٥) ظاهر مراده من المنسوخ هو محتمل النسخ لا محقق النسخ.