المحفوظ من حيث هو مكتوب هناك ، وإن أخطأ الواصف به في فهم المطابقة واعتقاده في نفس الأمر. وحقيقة مذهب النظّام هو مطابقته لما يعتقده المدرك أنّه كذلك في اللّوح المحفوظ ، من حيث إنّ اعتقاده ذلك ، فوصف الخبر بالصدق والكذب على كلّ المذاهب يلاحظ بالنسبة إلى الخبر من حيث هو خبر ، لا من حيث صدوره عن المخبر. فإذا قال أحد : زيد قائم ، والمفروض في اللّوح المحفوظ قيام زيد ، وكان اعتقاد المخبر عدم قيامه ، فالخارج عند المخبر عدم القيام ، يعني يعتقد أنّ ما في اللّوح المحفوظ هو عدم القيام. فقوله : زيد قائم ، عند المخبر كذب ؛ لأنّه مخالف لمعتقده (١) من حيث إنّه مخالف لمعتقده (٢) ، وأمّا غير المخبر ممّن يسمع هذا الكلام ويعتقد قيام زيد ، فهو صدق عنده على مذهب النّظام أيضا لكونه موافقا لاعتقاده ، وهكذا ، فالخبر عند النّظّام أيضا لا بدّ أن يتّصف بالصدق والكذب مطلقا ، فإنّ الخبر هو نفس الكلام الموصوف ، لا الكلام مع اتّصافه بكونه صادرا عن المخبر.
فما يتوهّم أنّ مذهب النظّام ، أنّ الصدق هو مطابقة اعتقاد المخبر فقط ، والكذب هو مخالفة اعتقاد المخبر فقط ، فذلك يستلزم أن يكون مذهبه عدم اتّصاف الخبر بالنسبة إلى معتقد غير المخبر بصدق ولا كذب ، وهو واه جدّا ، لأنّ الخبر هو نفس الكلام لا هو من حيث إنّه صادر عن المخبر ، ولا بدّ له من خارج اعتقادي (٣) على مذهبه ، وهو يختلف بحسب الاعتقادات ، فلا بدّ أن يكون مراد النظّام من المخبر في قوله : صدق الخبر ، هو مطابقته لاعتقاد المخبر ، هو مطلق من يلاحظ الخبر لا
__________________
(١) أي في اللّوح بحسب اعتقاده.
(٢) أي اعتقاد المكتوبية في اللّوح المحفوظ.
(٣) أي تعيّن هذا الخارج بالاعتقاد لكونه طريقا كاشفا عنه.