لو قال : إن شهد شاهدان بأنّ عليّ كذا ؛ فهما صادقان ، فإنّه (١) يلزمه الآن على القولين معا ، لأنّا قرّرنا أنّ الصدق هو المطابق للواقع ، وإذا كان مطابقا على تقدير الشهادة ؛ لزم أن يكون ذلك عليه ، لأنّه يصدق كلّما لم يكن ذلك عليه (٢) على تقدير الشهادة لم يكونا صادقين ، لكنّه قد حكم بصدقهما (٣) على تقديرها ، فيكون ذلك عليه الآن. ومثله ما لو قال : إن شهد شاهد عليّ ، إلى آخره (٤).
أقول : إن أراد أنّه يثبت الحقّ على المذهبين دون مذهب النظّام.
ففيه ما مرّ ، بل هاهنا أوضح لظهور أنّ مراد القائل ليس مجرّد أنّ ما يخبره الشاهد هو مطابق لاعتقاده فقط ، وأنّ هذا الاحتمال في غاية البعد من هذا الإطلاق في هذا المثال ، وإن كان القائل على مذهب النظّام أيضا.
وإن أراد نفس تفريع المسألة على معنى الصدق على المذهبين.
ففيه نظر آخر لا دخل له بما نحن فيه ، وهو منع استلزام ذلك ثبوت الحقّ ، بل الحقّ خلافه ؛ وفاقا للمتأخّرين ، وتفصيله في كتب الفروع.
ثمّ إنّ العضديّ قال في آخر كلامه : وهذه المسألة لفظية لا يجدي الإطناب فيها كثير نفع (٥).
والظاهر أنّه أراد من كون المسألة لفظية هو كون الخلاف في تفسير اللّفظ لا
__________________
(١) أي الحق يلزمه.
(٢) متعلق بقوله : لم يكونا صادقين ولم أجد كلمة «عليه» في «القواعد».
(٣) وهذا نوع من القياس الاستثنائي قد ركّب من نقيض الأصل ومن الاستثناء. قوله : لأن ذلك ، عكس نقيضه.
(٤) هنا ينتهى كلام الشهيد رحمهالله.
(٥) ونقلها في «الفصول» ص ٢٦٦.