المعنى المشهور للنزاع اللّفظي كما يظهر من التفتازاني أيضا. ولكن يمكن أن يكون مراده من عدم النفع هو ما ذكرنا لا ما ذكره التفتازاني ، فإنّه قال في شرح هذا الكلام : المسألة لفظية أي لغوية لا يتعلّق بعلم الاصول كثير تعلّق ، إذ المقصود تحقيق المعنى الذي وضع لفظ الصدق والكذب بإزائه ، وليس المراد أنّه نزاع لفظي يتعلّق بالاصطلاح على ما يشعر به كلام الآمدي (١) ، لأنّه لا قائل بنقل اللّفظين عن معناهما اللّغوي. انتهى (٢).
وفيما ذكره تأمّل ، إذ كون المسألة لغوية لا يوجب عدم تعلّقها بعلم الأصول ، ولا يوجب عدم النفع بسبب كونه غير متعلّق بالأصول (٣) ، ولا ريب أنّ كثيرا من المسائل الأصولية من المسائل اللّغوية (٤) ، كالنزاع في أنّ صيغة (افعل) للوجوب أو لا ، وكذا صيغة (لا تفعل) للحرمة أم لا ، وأنّ الجمع المحلّى باللّام يفيد العموم أم لا ، وكذا المفرد المحلّى ، وهكذا.
فإن قيل : نعم ، ولكن هناك فرق ، وهو أنّ ما يبحث عنه في علم الأصول من هذه المسائل ، هو ما كان بمنزلة القاعدة لاستخراج المسائل الفرعية ، كالنّزاع في
__________________
(١) علي بن محمد بن سالم التغلبي سيف الدين الآمدي (٥٥١ ـ ٦٣١ ه) متكلّم اصولي شافعي ولد بآمد مدينة دياربكر. تصدّر التدريس في القاهرة والشام حيث دفن فيها بقاسيون. ومن مؤلفاته : «منتهى السّول في الأصول» وهو في أصول الفقه ، وكذا «الإحكام في أصول الأحكام» ، والكتاب الأوّل مختصر للكتاب الثاني حيث جمع فيه زبدة ما في كتب الأصول المؤلفة قبله.
(٢) ونقلها عنه في «الفصول» ص ٢٦٦.
(٣) وفي «الفصول» ص ٢٦٦ هنا كلام.
(٤) ويظهر بقرينة الأمثلة الآتية انّه أراد بالمسائل الأصولية ما يعمّ ما يكون من قبيل نفس المسائل أو من قبيل مبادئها اللّغوية.