أقول : فما نراه من أخبار أمثال هؤلاء قد عمل به الأصحاب ولم يظهر لنا تاريخ الرّواية ، فعلينا أن نرجع إلى القرائن الخارجية ، إذ لعلّهم عملوا بها لاعتمادهم على القرائن الخارجية لا لكون الرّواية في حال الاستقامة ، فعلينا أن نجتهد في القرائن أيضا ، ومن القرائن المفيدة للرجحان هو عمل جمهور الأصحاب.
والحاصل ، أنّ المعيار في أمثال ذلك قوّة الظنّ من القرائن الخارجية ، فلا بدّ من التأمّل والتفحّص ، فمثل ما يرويه الأصحاب عن الحسين بن بشّار (١) وعلي بن أسباط (٢) ممّن كانوا من غير الإمامية ثمّ تابوا ورجعوا واعتمد الأصحاب على
__________________
ـ عنده ثلاثون ألف دينار للكاظم عليهالسلام فجحدها فكان ذلك سبب وقفه. نعم قد ضعّف السيد الخوئي الرواية بمحمّد بن جمهور وبأحمد بن الفضل. وعن الكشي انّه روي عن يونس بن عبد الرحمن انّه كان عند زياد بن مروان سبعون ألف دينار من مال الكاظم عليهالسلام ، وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار ، فلمّا رأيت ذلك وتبيّن لي الحق وعرفت من أمر أبي الحسن الرضا عليهالسلام ما علمت ، فكلّمت ودعوت الناس إليه فبعثا إليّ وقالا : إن كنت تريد المال فنحن نغنيك ، وضمنا لي عشرة آلاف دينار ، وقالا لي : كفّ.
فقلت لهما : إنّا روينا عن الصادقين عليهمالسلام أنّهم قالوا : إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب عنه نور الإيمان ، وما كنت ادع الجهاد وأمر الله على كل حال. فناصباني وأظهرا لي العداوة.
(١) بشار بالباء الموحّدة والشّين وربما قرء بالسّين المهملة مع الياء المثناة. رمي بالوقف ونقل رجوعه الى الحق ، وفيه رواية دالّة على كلّ من وقفه ورجوعه غير أنّها غير سالم سندها.
(٢) كان من الفطحيّة ثم رجع الى الاستقامة ، وربما قيل ببقائه على مذهبه وموته فيه إلّا أنّه وثّقه غير واحد ، فحديثه إن لم يكن صحيحا فهو من الموثّق.