وتصبح قضية نشر الدين في مأزق حقيقي ، ولا سيما لجهة اختلال الثقة في مجتمع أهل الإيمان ، وترقب الإرتداد من أي كان من الناس ، في أي وقت .. الأمر الذي يوجب ضعف ، وانحلال رابطة الأخوة الدينية فيما بينهم.
وهذا يوجب المبادرة لمواجهة حالات الإرتداد ، لأنها لا يمكن أن توصف بالبراءة أبدا.
فإن من يفعل ذلك ، يكون مارس الخديعة أو الخيانة بأبشع مظاهرها. لأنه إما أن يكون هذا المرتد ممن قامت عليه الحجة بالأدلة البرهانية ، أو بالقناعة الوجدانية عن طريق المعجزة ، فآمن .. فلا مبرر لارتداده بعد هذا ، بل ارتداده خيانة للدين ، ولأهل الإيمان.
وإما أنه لم يبلغ درجة القناعة الوجدانية ، ولا أقنعته الحجة البرهانية ، فيكون دخوله في الإسلام في هذه الحال خداعا وتدليسا ونفاقا. وارتداده بعد ذلك إقرارا عمليا بهذا الخداع .. فلا بد من محاسبته على هذا الأمر أيضا ، لأن الأمر خرج عن كونه مسألة شخصية ، ليصبح اعتراضا على الدين ، وطعنا في حقائقه ، وتكذيبا لآياته ، وجحودا لمعجزاته ..
٦ ـ على أن ثمة تساؤلا يحتاج إلى الجواب المعقول والمقبول ، وهو : أنه لما ذا بادر «صلىاللهعليهوآله» لتجهيز ذلك الجيش ، قبل أن يستيقن الأمر بالطرق المعروفة والمألوفة ..
وقد يجاب عن ذلك : بأن نفس مبادرة النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى هذا ، لا يعني أنه أراد أن يوقع بأولئك الناس قبل التثبت من الأمر .. فإن تجهيز ذلك الجيش قد كان علنيا وظاهرا ، ولا بد أن يبلغ خبره إليهم .. فإن كان الخبر صحيحا ، فسيكون ردهم على هذا الإجراء هو الإستنفار ،