انصرف إلى بيته ، فركع ركعتين ، ثم خرج فجلس في صحن المسجد.
وقدّموا عطارد بن حاجب التميمي ، فخطب ، فقال : الحمد لله الذي له الفضل علينا ، والذي جعلنا ملوكا ، وأعطانا الأموال ، (أو : ووهب لنا أموالا عظاما) نفعل فيها المعروف ، وجعلنا أعزّ أهل المشرق ، وأكثرهم مالا ، وأكثرهم عددا ، فمن مثلنا في الناس؟
ألسنا رؤوس الناس وذوي فضلهم؟ فمن يفاخر فليعدد مثل ما عددنا ، ولو شئنا لأكثرنا من الكلام ، ولكنا نستحي من الإكثار فيما أعطانا الله ، أقول هذا لأن يؤتى بقول هو أفضل من قولنا.
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لثابت بن قيس : «قم فأجب خطيبهم».
فقام ثابت ، وما كان درى من ذلك بشيء ، وما هيأ قبل ذلك ما يقول ، فقال :
الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه ، قضى فيهما أمره ، ووسع كل شيء علمه ، فلم يك شيء إلّا من فضله ، ثم كان ممّا قدّر الله أن جعلنا ملوكا ، اصطفى لنا من خلقه رسولا ، أكرمهم نسبا ، وأحسنهم زيا ، وأصدقهم حديثا ، أنزل عليه كتابه ، وائتمنه على خلقه ، وكان خيرته من عباده ، فدعا إلى الإيمان ، فآمن المهاجرون من قومه ، وذوي رحمه ، أصبح الناس وجها ، وأفضل الناس فعالا ، ثم كنا أول الناس إجابة حين دعا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فنحن أنصار الله ورسوله ، نقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلّا الله ، فمن آمن بالله ورسوله منع منّا ماله ودمه ، ومن كفر بالله ورسوله جاهدناه في ذلك ، وكان قتله علينا يسيرا ، أقول قولي هذا وأستغفر الله