والمطاع فيهم ، والمجاب منهم ، آخذ لهم بحقوقهم ، وأمنعهم من الظلم ، وهذا يعلم ذلك. وأشار إلى عمرو بن الأهتم.
فقال عمرو بن الأهتم : إنه لشديد العارضة ، مانع لجانبه ، مطاع في أدانيه.
فقال الزبرقان : والله يا رسول الله ، لقد علم مني غير ما قال ، وما منعه أن يتكلم إلا الحسد.
فقال عمرو بن الأهتم : «أنا أحسدك؟! فو الله إنك للئيم الخال ، حديث المال ، أحمق الولد ، مبغض في العشيرة.
والله يا رسول الله ، لقد صدقت فيما قلت أولا وما كذبت فيما قلت آخرا ، ولكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت ، وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت ، ولقد صدقت في الأولى والأخرى جميعا».
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «إن من البيان لسحرا» (١).
فإذا كان رؤساء الوفد يسعون لمنع من جاؤوا يفاخرونه من إجازة بعض رفقائهم ببعض المال حسدا منهم لهم ، وضنا بمال غيرهم ، أو خشية من أن يعد ذلك امتيازا لذلك البعض ، يرفعه بين الناس بحيث يلحقه بهم ..
فهل بعد هذا يمكن ان يتوقع هؤلاء من إخوانهم الإيثار والفداء ، والتضحية بالنفس والمال لدفع الأسواء عنهم؟! .. أم أن عليهم أن يتوقعوا من نفس رؤسائهم أن يقذفوا بهم في أتون المكاره والأسواء ، لينعموا هم
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٩١ وراجع : الإستيعاب (ط دار الجيل) ج ٣ ص ١١٦٣ والتمهيد لابن عبد البر ج ٥ ص ١٧٢ وأسد الغابة ج ٤ ص ٨٧ والوافي بالوفيات ج ١٤ ص ١١٧ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٢٢٠.