الإسترقاق ، وهو الأمر الذي يدّعون أنهم لا يرضون به لأنفسهم ، وتأباه لهم غيرتهم وكرامتهم ..
فلما ذا لم يقدّروا للنبي «صلىاللهعليهوآله» حلمه عنهم ، وتفضله عليهم؟! بوضعه مصير رجالهم ونسائهم في يد رجل منهم ، لا من قبيلة أخرى. بل إن نفس أن يبادر النبي «صلىاللهعليهوآله» لإخراج هذا الأمر من يده ويرضى بالتحكيم في هذا الأمر لهو فضيلة عظيمة ، ومنة ، وكرامة لا مثيل لها ، فإن أحدا لا يرضى مهما ألحوا عليه ـ وهو منتصر ـ بأن يجعل القرار في الأسرى والسبايا الذي هم بيده إلى غيره .. ولا سيما إذا كان هو الذي اعتدي عليه من قبل أولئك الأسرى ، وقبائلهم أنفسهم ..
فما بالك بمن يبادر هو إلى ذلك ، بل هو يبادر إلى تحكيم نفس المعتدين عليه؟!
والأعظم والأهم من ذلك كله ، أن يكون هذا الذي رضوا به حكما ، قد حكم بأن يفدى شطر وأن يعتق شطر ..
ولا ندري لما ذا حكم على النبي «صلىاللهعليهوآله» بأن يعتق ذلك الشطر؟! ألا يعد هذا الحكم مجحفا وغير منصف.
ومع غض النظر عن ذلك كله ، فإن هذا الحكم يمثل إقرارا من زعيم وحاكم اختاروه هم أنفسهم ، بأن هؤلاء الناس رق لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» .. وهو بالتالي إقرار بالعدوان واعتراف بالظلم والطغيان ، فلما ذا يريد هؤلاء الظالمون والمعتدون أن يفاخروا من ظلموه واعتدوا عليه ، وهو يعاملهم بهذا الحلم والكرم والإباء والشمم ، وذلك حين توّج ذلك كله القرار النبوي برد الأسرى والسبي ، والعفو عنهم من دون مقابل كما أوضحته الرواية الأخرى ..