وما إلى ذلك ، وقبلنا جدلا أنهم يتحرون الدقة والأمانة والصدق فيما يقولون ، فإن الكل يعلم أنهم حين يمدحون أو يذمون ، إنما يذكرون ما ظهر لهم .. ونحن نعلم علم اليقين أنهم لا يملكون القدرة على كشف الحقائق ، واستكناه بواطن الأمور ، بل إن الله وحده هو العالم بالسرائر ، والمطلع على ما في الضمائر وقد يطلع على ذلك أنبياءه .. فكل مدح أو ذم من سواه يبقى في دائرة احتمالات الصدق والكذب ، أو الخطأ والصواب ، أو التمام والنقص .. فلا يمكن أن يكون زينا ، ولا شينا.
أما حين يأتي المدح أو الذم من علام الغيوب ، والواقف على ما في الضمائر والقلوب ، والخالق والمدبر والمهيمن والمسيطر ، فلا ريب في أنه هو الحق ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولا بد أن يكون مدحه زينا ، وذمه شينا.
٢ ـ أما قوله «صلىاللهعليهوآله» : «وأكرم منكم يوسف بن يعقوب» إن صح أنه قوله .. فلربما يكون مقصوده إلزامهم بما يلزمون به أنفسهم ، والإحتجاج عليهم بمن لا سبيل لهم إلى إنكاره ، مما أخذوه عن أهل الكتاب الذين كانوا يمثلون المرجعية لهم ، وعن يوسف «عليهالسلام» ، فإنه أكرم منهم ، على الرغم مما ينسبه إليه أهل الكتاب من ترهات وأباطيل ، فيما يرتبط بعفته ، ووفائه ، وحفظه للعزيز في عرضه ، إلى غير ذلك مما قد يتظاهر بنو تميم بالتنزه عنه .. مع اعترافهم بنبوته.
وتسقط بذلك دعواهم الفضل والكرامة على سائر العرب. وهم يرون أن العرب أكرم الأمم.