وربما يكون ذلك صحيحا بالنسبة لخالد ، فإنه هو الذي بقي ستة أشهر في اليمن دفعة واحدة ، أما علي «عليهالسلام» فربما يكون قد سافر أكثر من مرة ، تارة لأجل بني زبيد كما ذكره في الإشارة ، أو لمعالجة أمور خالد ، أو لغير ذلك ..
ويمكننا أن نعرض فهمنا لما جرى كما يلي :
كان خالد قد سار إلى اليمن ، ليدعو أهلها إلى الإسلام ، ولعله قد خاض حربا مع بعض الفئات ، فأصاب منهم سبيا ، فطلب من النبي «صلىاللهعليهوآله» أن يرسل إليه من يقبضه منه ، فأرسل عليا «عليهالسلام» ، فاصطفى علي «عليهالسلام» جاريته من السبي ، فأرسل خالد بريدة إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» ليشتكيه .. حسبما تقدم .. أو أنه «عليهالسلام» اصطفاها بعد أن أوغل في داخل البلاد وأبعد ، وافتتح في طريقه حصنا ، وأصاب سبيا ، وانضم السبي بعضه إلى بعض ، فاصطفى «عليهالسلام» من مجموع السبي تلك الجارية ، فشكاه بريدة إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فأجابه بما تقدم.
ولعل عليا «عليهالسلام» قد عاد إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» على الظاهر ، وبقي خالد في بلاد اليمن ، لكي يسعى لأسلمة أهلها ، فلم يفلح. ولعله قد أساء إلى أولئك الناس ، فلم يستجيبوا له ـ كما سنرى ـ وبعد ستة أشهر أرسل «صلىاللهعليهوآله» عليا «عليهالسلام» إليه ، ليقفله ، ويمضي هو إلى اليمن ليدعو أهلها ، ففعل ذلك ، فأسلمت همدان في ساعة واحدة (١).
__________________
(١) راجع : السنن الكبرى للبيهقي ج ٢ ص ٣٦٩ وفتح الباري ج ٨ ص ٥٢ وتاريخ ـ