فبريدة إذن قد عاش مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ومع علي «عليهالسلام» سنوات عديدة ، يرى فيها تضحيات علي «عليهالسلام» وسلوكه المثالي ، وعبادته ، واستقامته ، ويرى حب النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وتقديمه له ، ويسمع أقواله فيه ، فلما ذا استمر على بغضه ، ولم يؤثر فيه شيء من ذلك؟!
ثم جاء هذا التحول الذي يتحدث عنه بريدة ، بعد أن وجد نفسه أمام غضب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وغضب الله سبحانه ، الأمر الذي جعله أمام خيار خطير جدا لا قبل له به ، فآثر أن يعلن توبته عن هذه الموبقة الكبرى ، على الرضا بأن يكون في دائرة الكفر والنفاق ، الذي انتقل ـ بما سمعه من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ـ من الخفاء إلى العلن ، وكاد أن يجد نفسه أمام فضيحة مرعبة وهائلة .. تجعله في مواجهة الخزي والعار ، وفي موضع غضب الله ورسوله في الدنيا والآخرة.
وقد كان بريدة قبل هذه الحادثة يرى أنه قادر على التعلل فيما بينه وبين نفسه بأن له الحق في أن يبغض عليا «عليهالسلام» ، إن كان لم يسمع قول النبي «صلىاللهعليهوآله» فيه : لا يبغضك إلا منافق ، أو ابن زنا ، أو نحو ذلك .. ثم أن يزين لنفسه أن جهاد وتضحية علي «عليهالسلام» وما يراه من مواقف له ، وما يسمعه من ثناء نبوي عليه ، إنما يجري وفق ظواهر الأمور ، وربما تكون البواطن على خلاف ذلك ..
ولكنه بعد هذا الحدث ـ الصدمة ـ لم يعد قادرا على السير في هذا الإتجاه ، لأن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد أخبره ـ وهو كما قال الله عز