ولذلك اعتبر السكتواري عليا «عليهالسلام» أول قاض بعثه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلى اليمن (١).
غير أننا نقول :
إن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان قد صرح بما يدل على رسوخ قدم علي «عليهالسلام» في العلم في مناسبات كثيرة قبل ذهاب علي «عليهالسلام» إلى اليمن ، ولم يزل يجهر بذلك على مدى ثلاث وعشرين سنة ، فهو عيبة علمه ، وهو منه بمنزلة هارون من موسى ، وهو مدينة العلم وعلي بابها ، إلى غير ذلك مما يتعذر جمعه ، وإحصاؤه ، وقد نزلت فيه «عليهالسلام» آيات كثيرة تشير إلى علمه هذا ، ويكفي قوله تعالى : (.. قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٢).
يضاف إلى ذلك : أنه «عليهالسلام» نفس رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بنص آية المباهلة ، وهل يمكن أن يكون كذلك إذا كان ـ حسب زعمهم ـ : إلى أواخر حياة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لا يعرف القضاء؟!! (٣).
ويمكن أن يجاب : بأنه «عليهالسلام» إنما تكلم بلسان غيره ، وعبر عن مكنونات ضمائرهم ، لكي يسمعهم ويسمع الأجيال كلها إلى يوم القيامة جواب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، القاطع لكل عذر ، والمبدد لجميع الأوهام ، وليبوء هؤلاء بالإثم والخزي والخذلان ..
__________________
(١) محاضرة الأوائل ص ٦٢.
(٢) الآية ٢٤ من سورة الرعد.
(٣) وقد ذكر في إحقاق الحق (قسم الملحقات) مئات الأحاديث الدالة على علم الإمام علي «عليهالسلام» وفضله فراجع.